هل يشكّل الاتفاق الإيراني السعودي فرصة لبداية التعافي في لبنان؟!
كلمة الأمان العدد 1554 /15-3-2023

يوم الجمعة الماضي ومن دون سابق إنذار أو مقدّمات، أُعلن في العاصمة الصينية "بيجين" عن توقيع اتفاق بين إيران والمملكة العربية السعودية من أجل إعادة العلاقات الدبلوماسية إلى سابق طبيعتها قبل سبع سنوات، وقد كان لهذا الإعلان أثر إيجابي على بعض الملفات والساحات ومنها لبنان، بينما شكّل صدمة كبيرة لبعض القوى الإقليمية والدولية التي كانت تراهن على صدام عربي إيراني يستنزف الطرفين. وبعيداً عن الظروف التي أملت على الطرفين الإسراع في التوقيع على الاتفاق، وبعيداً أيضاً عن ما يمكن أن يكون قد تضمّنه هذا الاتفاق، وبغض النظر عن النجاح أو النصر الذي حقّقه الصينيون على طريق تكريس نظام متعدّد الأقطاب عالمياً، فإنّ هذا الاتفاق شكّل فرصة حقيقية لبعض المناطق والساحات المتوتّرة أو الملتهبة للخروج من توترها، ومن هذه الساحات لبنان. فلبنان يعيش منذ فترة أزمة سياسية معقّدة تنعكس بشكل كبير على الواقعين الاقتصادي والاجتماعي، ولاحقاً ربما تنعكس أيضاً على الواقع الأمني. فالأزمة الاقتصادية العميقة التي تعصف بلبنان، والتي أودت بالوضع المعيشي، تحتاج إلى حلول سياسية تشكّل المفتاح الأساسي للعقد الاقتصادية، ومن هنا يرى الجميع في لبنان والخارج أنّ مفتاح الحلّ هو في انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد الشغور الرئاسي، والقيام بإصلاحات حقيقية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية تقنع الدول المانحة أنّ أموالها التي تقدّمها للبنان تذهب في المكان الصحيح.

المعركة تدور بين مرشّحَين !
كلمة الأمان العدد 1553 /8-3-2023

مطلع الأسبوع الجاري دحض رئيس المجلس النيابي، نبيه برّي، الشكّ باليقين. أعلن بشكل واضح لا لبس فيه أنّ مرشح التحالف الذي ينضوي فيه، أو بمعنى آخر أكثر وضوحاً، مرشح الثنائي الشيعي لرئاسة الجمهورية بعد مرور أربعة أشهر من الشغور هو النائب السابق سليمان فرنجية. وقد تبعه مساء الثلاثاء الأمين العام لحزب الله ليؤكّد ويعلن أنّ مرشح الحزب لرئاسة الجمهورية هو سليمان فرنجية. اليوم اللعبة باتت مكشوفة. الثنائي مع حلفائه يرشّحون فرنجية، وخصومهم أو منافسوهم في المقلب الآخر يرشّحون ميشال معوّض، وما بينهما يقف المستقلّون والتغييريون الذين لم يحدّدوا إلى الآن بشكل واضح مرشحهم للرئاسة. والإشكالية في كلّ هذا الشرح أنّ أحداً من هؤلاء لا يملك أغلبية الـ 65 صوتاً للفوز بالرئاسة إلاّ في إطار التسويات والصفقات، فضلاً عن إمكانية تأمين انعقاد جلسة الانتخاب وهو 86 نائباً وهو كذلك خاضع لمنطق التسويات والصفقات وإلاّ لا جلسة دستورية أو قانونية للانتخاب إذا قرّر طرفين آخرين الغياب. حسناً ما هو العمل في مثل هذه الأوضاع ؟ المنطق الطبيعي في دولة تعتمد النظام الديمقراطي البرلماني أن يذهب كل فريق ومعه مرشحه إلى المجلس النيابي، وأن تنعقد جلسة الانتخاب، وأن يصوّت كلّ نائب لمن يرى فيه مصلحة لبنان، وبعد ذلك يفوز المرشح الذي يحظى بثقة الـ 65 نائباً.

أزمة الرئاسة مفتوحة إلى حين إتمام الصفقة التي تؤمّن مصالح الفاعلين
كلمة الأمان العدد 1552 /1-3-2023

إحدى عشرة جلسة للمجلس النيابي مخصّصة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية ولا رئيس. الفراغ والشغور في الموقع الأول في البلد مستمر ومتواصل دون أن يلتفت أحد في الداخل أو في الخارج إلى حجم معاناة اللبنانيين ولا إلى بحثهم عن حلول. المسألة كانت في السابق بيد اللبنانيين وبيد الكتل النيابية، ولكن يبدو الآن أنّ المسألة باتت بيد الخارج الذي يفرض وصيته على لبنان، أو بالأحرى على القوى والكتل والنيابية شيئاً فشيئاً. لاحظنا وتابعنا اللقاء الخماسي الذي انعقد في باريس ومن بعده لقاء سفراء الدول التي شاركت فيه بكلّ من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ورئيس المجلس النيابي نبيه برّي. كان واضحاً أنّ تأثير هذه الدول، ودول أخرى استُبعدت عن لقاء باريس بل ربما كانت الغائب الحاضر بقوّة فيه، أقوى من تأثير الكتل النيابية والقوى السياسية اللبنانية. بات واضحاً أنّ خطوط مصالح الدول المؤثّرة والفاعلة في المشهد اللبناني أقوى من خطوط ومصالح لبنان أو حتى القوى السياسية اللبنانية، ولذلك لا رئاسة قبل أن تتمّ الصفقة بين القوى الفاعلة والمؤثّرة خارجياً قبل القوى الداخلية. قبل أيام جرى الحديث عن معالم تسوية رئاسية يجري العمل عليها، وتتضمّن الإتيان بالنائب السابق سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية في مقابل الإتيان بالسفير السابق لدى الأمم المتحدة نوّاف سلام رئيساً للحكومة. إذا صحّت هذه المعلومات عن هذا الحديث فإنّ ذلك يعني بشكل واضح صفقة بين القوى الخارجية قبل أن تكون تسوية مرحلية داخلية تُنتج الحلول للازمات المتناسلة.